د.سامح فـــوزي
كاتب مصري وباحث أكاديمي، مدير مركز دراسات التنمية بمكتبة الإسكندرية، وعضو مجلس الشورى المستقيل عن التيار المدني.

أزمة الأحزاب المدنية في مصر

في أعقاب إصدار الرئيس المعزول محمد مرسي «الإعلان الدستوري» في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2012 تشكلت ما يُعرف بجبهة الإنقاذ، التي ضمت الأحزاب المدنية التي عارضت الإعلان الدستوري، ثم تصدت لاحقا لمساعي الإخوان المسلمين للانفراد بالحكم، وإقصاء الآخرين، وأخونة الدولة. وعندما ظهرت حركة «تمرد» على السطح، أيدتها أحزاب جبهة الإنقاذ، وآلت الأمور إلى 30 يونيو (حزيران)، ثم عزل محمد مرسي، وبروز ساسة محسوبين على جبهة الإنقاذ في مؤسسات صناعة القرار.

أوروبا المتأملة الحائرة المراقبة للشأن المصري

أوروبا لا تزال ترقب بعين ملؤها الحيرة ما يحدث في مصر. هذه هي النتيجة التي يمكن أن تخلص بها بعد حوار لمدة يومين في قصر «ايغمونت» في وسط بروكسل. لا يزال تقييم ما حدث في الثالث من يوليو الماضي محل اختلاف، خاصة بين المؤيدين لخارطة الطريق، وهم ممن يرون ما حدث ثورة، والرافضين لخارطة الطريق ممن يرون أن ما جرى انقلاب. هناك من أعضاء البرلمان الأوروبي من يتبنى هذه الوجهة، وهناك من يتبنى الوجهة الأخرى. الدبلوماسية المصرية، وأطرافها المؤيدة شعبيا وسياسيا تؤيد أن ما حدث مطلب شعبي، والتحول الديمقراطي يسير في طريقه المرسوم.

التوازن بين الثورة والنظام

دخل المشهد المصري مساحات مختلفة من التعقيد السياسي الذي تجاوز «نحن في مواجهة الإخوان المسلمين»، إلى سلسلة من الدوائر الفرعية من المواجهات التي تعكس عدم الاتفاق على أسس بناء الدولة الجديدة خاصة بين القوى المحسوبة على ثورة 30 يونيو (حزيران)، والتي قد تصب في النهاية في مصلحة الإخوان المسلمين أنفسهم. دعنا نوصّف المشهد المصري بالاستناد إلى توازنات القوى في السنوات الماضية. هناك ثلاث قوى أساسية: الدولة المصرية بأجهزتها المدنية والعسكرية، والتيارات الإسلامية بتفرعاتها، وأخيرا التيارات التي تحمل مسحة علمانية يسارية وليبرالية على تنوعها.

تغيير «صورة الآخر»: في ضرورات البحث عن السياسات العامة

عقد في العاصمة النمساوية فيينا، الأسبوع الماضي، على مدار يومين، مؤتمر دولي حاشد، دعا إليه مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي للحوار بين الأديان والثقافات، وحضره ما يقرب من ستمائة مشارك ما بين مثقفين، وعلماء دين، وصناع سياسة، ونشطاء في العمل الأهلي من شتى الثقافات، والأديان، والدول. بعضهم له باع في القضية منذ سنوات وربما عقود، وبعضهم من الشباب. عنوان المؤتمر هو «صورة الآخر»، لكنه امتد ليشمل جلسات عامة، وحلقات نقاشية مصغرة حول موضوعات كثيرة تتصل بالقضايا الفكرية والسياسية والإعلامية.

هزيمة كروية أم سياسية؟

الرياضة لها علاقة بالسياسة دوليا ومحليا. هُزم المنتخب القومي المصري لكرة القدم أمام غانا بستة أهداف مقابل هدف واحد. نكسة، هزيمة ثقيلة، فضيحة، سمِها ما شئت المهم أن أبناء الفراعنة عادوا من «كوماسي» يعتصرهم الحزن، والمرارة، وخرجوا من باب خلفي في «قرية البضائع» في مطار القاهرة حتى لا يلاقوا الجماهير الملتاعة والغاضبة التي كانت تحلم بوصول فريقها إلى المونديال في البرازيل. الهزيمة كروية، وكل من شاهد المباراة يعرف كيف أن الفريق المصري كان أداؤه هزيلا أمام فريق غانا الأكثر لياقة، وحرفية، وكفاءة. ابتلع المصريون الهزيمة، وبعد يومين اتجهوا إلى تسييس المشهد الكروي الحزين.

الإخوان المسلمون: البحث عن اسم جديد

جلست في مقهى بمنطقة «المنيل» في اليوم التالي مباشرة للمواجهات الدامية يوم الأحد 6 أكتوبر (تشرين الأول) التي نشبت بين الإخوان المسلمين وأهالي المنطقة. كان الحديث بين الجالسين بالمقهى عما حدث في اليوم السابق من مواجهات بالحجارة والرصاص والخرطوش، شعور بالثأر يغلف كلامهم، ومنطقهم أن متظاهري الإخوان المسلمين يستخدمون العنف، ويقطعون أرزاقهم.

حوارات واشنطن ذات طعم واحد

في «واشنطن» تكاد تسمع الحديث نفسه - أحيانا بالمفردات ذاتها - بشأن ما يحدث في مصر في كل لقاء مع باحث أو محلل أو تنفيذي في دوائر صنع القرار، بما في ذلك أكثر المؤسسات السياسية والأمنية تأثيرا. تعددت لقاءات الوفد المصري الذي ضم برلمانيين سابقين، أحدهم من «الإخوان المسلمين» للمرة الأولى منذ أحداث 30 يونيو (حزيران)، والذي انشغل وحده بطرح قضية تجاوزها الساسة والباحثون والمحللون في «واشنطن»: هل ما حدث انقلاب أم ثورة؟ الذهنية الأميركية رأت أن ما يحدث من حسم على أرض الواقع يدفع إلى تجاوز السؤال، وطرح هواجس المستقبل مباشرة. منذ 30 يونيو وجد الأميركيون أنفسهم بحاجة إلى فهم ما يحدث.

الامتحان الاقتصادي

جاء إلى القاهرة - الأسبوع الماضي - عدد من أعضاء الكونغرس، التقوا بقيادات سياسية ودينية، وقبيل مغادرتهم قابلتهم مع عدد من البرلمانيين السابقين من التيار الليبرالي. أشبع الحاضرون أعضاء الكونغرس نقدا وتقريعا نظرا للموقف الأميركي المتحفظ من حركة 30 يونيو (حزيران)، والمؤيد للإخوان المسلمين، هكذا تبدو الصورة للمواطن العادي بل وللساسة أنفسهم. أحد أعضاء الكونغرس ذكر أن هذا ليس صحيحا في مجمله. السؤال الذي ظل يراود الدوائر السياسية الأميركية: {هل هذه ثورة أم انقلاب عسكري}؟ ما حدث في مصر كان يحتاج إلى بعض الوقت لفهمه نظرا لأنه لم يحدث على هذا النحو من قبل: انتفاضة شعبية مدعومة من الجيش.