د. حسن محمد صندقجي
طبيب سعودي واستشاري قلب للكبار بمركز الأمير سلطان للقلب في الرياض
TT

الأخطاء في تشخيص الأمراض

الأخطاء في تشخيص إصابة مريض ما بالمرض الذي يُعاني منه، إحدى المشكلات الصحية التي لا تزال تستدعي مزيدا من اهتمام الأنظمة الصحية. ووفق التعريف الطبي فإن أخطاء التشخيص Diagnostic errors هي تفويت فرصة التوصل إلى التشخيص الصحيح للمرض الذي يُعاني منه المريض في الوقت المناسب، أو عدم الوصول البتة إلى ذلك التشخيص الصحيح، أو تقرير تشخيص خاطئ للمرض، وفق ما يتوفر لدى الطبيب من أدلة عند معاينة ومتابعة المريض.

ووفق ما تم نشره في عدد 17 أبريل (نيسان) من «المجلة الطبية البريطانية للجودة والسلامة» BMJ Quality & Safety، فإن نحو 12 مليون شخص بالغ في الولايات المتحدة يعانون سنويا من هذه المشكلة الصحية خلال مراجعتهم لعيادات الأطباء في الولايات المتحدة. وحملت هذه الدراسة عنوان «وتيرة أخطاء التشخيص في العيادات الخارجية: التقديرات من واقع نتائج ثلاث دراسات شملت البالغين في الولايات المتحدة». وهذه الدراسات الثلاث لم تقتصر على نتائج مراجعات المرضى للعيادات الخارجية لطب الأسرة والمجتمع أو عيادات الأطباء العامون، بل أيضا عيادات خارجية حساسة مثل عيادات الأورام السرطانية في القولون وعيادات الأورام السرطانية في الرئة.

وفي نتائج جميع تلك الدراسات الطبية الثلاث، تم توثيق الأخطاء في تشخيص الإصابات المرضية. وأكد الباحثون من مركز مايكل دبغي الطبي بهيوستن، في نتائج الدراسة الحديثة أن نحو 50 في المائة من تلك الأخطاء في التشخيص التي تم توثيقها، يمكن بالفعل تصنيفها بأنها «أضرّت المرضى بشكل بالغ الأذى». وتحدث الباحثون تحديدا عن أخطاء من نوعية تأخير تشخيص الإصابة بالأورام السرطانية، وبالتالي تأخير البدء بمعالجتها بشكل فاعل ومفيد للمرضى، وهو على حد قول الباحثين ما قد يُؤدي إلى جعل نجاح المعالجة صعبة جدا وترك المجال للمرض السرطاني ليقضي على المريض.

وكانت «وكالة أبحاث الرعاية والجودة» بالولايات المتحدة AHRQ أحد الممولين الرئيسين لإجراء الدراسة. وعلق مدير الوكالة، الدكتور ريتشارد كورنيك، بالقول: «الحفاظ على سلامة المرضى يبدأ بالوصول إلى التشخيص الصحيح وفي الوقت المناسب، وأخطاء التشخيص التي تقع في العيادات الخارجية من الصعب قياسها ورصدها، وهي مجال جديد للبحث والدراسة ضمن مجالات البحث في عناصر تحقيق سلامة المرضى. والوضع المثالي أن تكون من ضمن أهم الأهداف أن يصل المتخصصون الطبيون إلى تشخيص صحيح لحالة مرضاهم، وتقليل الأخطاء في ذلك».

وكانت نفس المجلة الطبية قد نشرت في عام 2013 نتائج دراسة الباحثين من كلية جونز هوبكنز للطب بالولايات المتحدة التي تم فيها مراجعة 25 سنة من تراكمات دعاوى الأخطاء الطبية وتكاليفها المادية. ووجد الباحثون أن أخطاء التشخيص للأمراض التي يُعاني المرضى منها كانت الأعلى في تكاليف التعويضات المادية لدعاوى المرضى أمام المحاكم. ليس هذا فقط، بل وجدها الباحثون، أي أخطاء التشخيص، الأعلى في التسبب بالإعاقات والوفيات بين أوساط المرضى. وتحديدا أفاد الباحثون أن التكاليف المادية لدعاوى المرضى بلغت نحو 40 مليار دولار ما بين عامي 1986 و2010، كما يُصاب في كل عام ما بين 80 ألفا إلى 160 ألف شخص بإعاقات مستديمة Permanent Disabilities جراء أخطاء في التشخيص.

* استشاري باطنية وقلب مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]