زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

اليهود بناة الأهرام.. تخاريف صهاينة!

ليس صحيحا أن اليهود هم بناة الأهرامات.. وإنما هذا ما يتمناه اليهود أن يرتبط اسمهم بأعظم إنجاز معماري حضاري على الأرض وهو الهرم الأكبر في الجيزة! وقد ثبت للعالم كله بعد اكتشافي لمقابر «العمال بناة الأهرام» أن المصريين القدماء هم بناة الأهرامات التي يسبق وجودها وجود اليهود في مصر بأكثر من ألف سنة. أما السؤال عن كيف انتشرت أكذوبة أن اليهود هم من بنوا الأهرامات للمصريين؟ فقد بدأت بعدما قام تشارلز سميث بإعلان أن الهكسوس الذين جاءوا إلى مصر في نهايات الدولة الوسطى هم من العبرانيين وأنهم هم الذين بنوا الهرم الأكبر بالجيزة! بعدها قامت المؤسسات الصهيونية في الربع الأخير من القرن الماضي بإشاعة هذه الأكذوبة والترويج لها، مستخدمين وسائل الإعلام التي يسيطرون عليها أو التي يمتلكونها.. وأعلنوا في كل مكان أنهم بناة الأهرامات، وصنعوا أفلاما سينمائية فاشلة تصور كيف بنوا لنا الأهرامات.. وقد ألقيت محاضرات في كل مكان في العالم، سواء بكندا وأميركا وأوروبا، أقدم فيها كل الأدلة العلمية التي تثبت أن اليهود ليس لهم صلة بالأهرامات. وللأسف كان هناك البعض ممن يتفاخر بالرد على الادعاءات الصهيونية من خلال ندوات في مصر أو الحديث لجريدة مصرية أو قناة تلفزيونية.. وكأن المصريين في حاجة إلى من يثبت لهم أنهم هم من بنوا الآثار التي على أرضهم!
وعندما وفقني الله سبحانه وتعالى واستطعت أن أصل إلى الكشف عن مقابر العمال الذين بنوا الأهرامات إلى الجنوب الشرقي من تمثال «أبو الهول» وجدت أن كل الأسماء التي بالمقابر المكتشفة أسماء مصرية ولا يوجد اسم عبراني واحد داخل هذه المقابر.. إضافة إلى أن كل الأشعة وفحوصات المومياوات والهياكل العظمية المكتشفة بالمقابر هي لرجال ونساء مصريين.. وأخيرا زخارف ونقوش المقابر والحلي وأدوات الزينة والتماثيل والأواني الفخارية والحجرية هي صناعة مصرية خالصة. من المستحيل تزييف التاريخ الذي يكتب من خلال آثار تتحدث عن نفسها بلا تلوين أو تحريف.
وبعد أن قمت بالنشر العلمي لمقابر العمال، أعلن عالم آثار من جامعة بن غوريون - لا بد من احترامه - أن الدلائل المتوفرة تشير إلى أن الإسرائيليين لم يأتوا إلى مصر وقت بناء الأهرامات، وقال: «لماذا نتبع تلك الخرافات ونعلن أكذوبة أننا بناة الأهرام؟». وأشار إلى أن مصر في ذلك الوقت - يقصد وقت بناء الأهرامات - كانت قوة عظمى تحكم العالم كله بآدابها وعلومها وفنونها.. وكان أسعد يوم في حياتي حينما طالعت في الصحف المصرية أن صحيفة «معاريف» الإسرائيلية تشير إلى أنهم الآن يعتقدون أن المصريين هم بناة الأهرام وخاصة بعد اكتشاف مقابر العمال بالجيزة.
هذا الحديث بمناسبة أنه منذ أيام قليلة بدأت الآلة الإعلامية الصهيونية تشيع أن قوما جاءوا من الفضاء هم بناة الأهرامات. إن الأدلة العلمية الأثرية تؤكد أن الأهرامات هي معجزة مصرية من الألف إلى الياء.