عندما وقفت فجر يوم الثلاثاء الماضي، أمام متحف التاريخ الطبيعي الوطني في واشنطن، حافلة عملاقة تابعة لشركة «فيدرال إكسبريس»، التي، عادة، تنقل الطرود والخطابات، تحمل، هذه المرة، نقلت شحنة عملاقة مميزة.
كان في استقبال الحافلة، في تلك الساعة المبكرة، كيرك جونسون مدير المتحف. ووقف إلى جواره مات كارانو مدير قسم العرض داخل المتحف، الذي قال: «هذا مثل يوم الكريسماس، وهذا الصندوق مثل هدية كريسماس».
كانت الحافلة تحمل 16 صندوقا عملاقا مكتوبا عليها «تايرانسورس ركس»، أكبر ديناصور في التاريخ. قبل قرابة 30 سنة، وفي مزرعة لرعاة أبقار في ولاية مونتانا، اكتُشفت عظام هذا الديناصور. وتحولت ملكية الديناصور إلى سلاح المهندسين (التابع للقوات البرية الأميركية)، الذي أعاره لمتحف التاريخ الطبيعي لمدة 50 عاما.
وسوف يحل هذا الديناصور الحقيقي محل ديناصور صناعي ظل في المتحف منذ عام 1999. قبل ذلك، كان في المتحف ديناصور طبيعي، لكن فقده المتحف لصالح متحف آخر، في حلقة من حلقات منافسات بين المتاحف العالمية حول من يعرض أكبر ديناصورات التاريخ.
ويوم الثلاثاء، بعد وصول أول حافلة، قال جونسون: «كان غياب ديناصور حقيقي في متحف البلاد الوطني الأول شيئا لا يُغتفر. ظل الحلم المذهل بالنسبة لي هو الحصول على هذه العظام الرائعة».
وقال اللفتنانت جنرال توماس بوستيك، قائد سلاح المهندسين، المالك الأصلي للديناصور الذي وقّع على أوراق تسلم أولى شحناته: «هذا يوم فخر لأمتنا الأميركية».
وسيوضع الديناصور في قاعة الديناصورات الجديدة (توجد ديناصورات أقل حجما). ويتوقع أن تُفتتح في عام 2019، بعد خمس سنوات، بتكلفة تصل إلى 50 مليون دولار. وحسب المعلومات التي أصدرها المتحف، فقد نفق «وانكيل ركس» (اسم الديناصور) قبل 66 مليون سنة، في مجرى نهر قديم. وتجمد، ليس فقط وسط الجليد، ولكن، أيضا، وسط الصخور التي غطته خلال تلك الملايين من السنوات. حتى عام 1988، عندما كانت راعية الأبقار كاثي وانكيل تجوب المنطقة على ظهر جوادها، شاهدت عظمة عملاقة مدفونة بين الصخور. أبلغت زوجها، توم وانكيل، وهو راعي أبقار أيضا. ووجدا أن العظمة جزء من ذراع ديناصور. حملوها إلى متحف التاريخ الطبيعي لجبال الروكي في بوسمان (ولاية مونتانا). وهكذا، بدأت عملية تنقيب، وحفر، ومسح، وتنسيق، استمرت قرابة 30 سنة.
واعترافا بالكاوبوي وزوجته، أطلق المتحف على الديناصور اسم «وانكيل ركس». وكان الاثنان موجودين، فجر يوم الثلاثاء الماضي، أمام متحف التاريخ الطبيعي في واشنطن، عندما وصلت أول شحنة من «وانكيل ركس».
وقالت كاثي وانكيل: «نحن أبوان فخوران بولدنا. إنه ولد كبير جدا، وقبيح جدا. لكننا نعتقد أنه جميل». وعلق زوجها في سرعة: «لكنه ولد قديم جدا».
وقد أطلقت عليه فريدوم دو لاك الصحافية في «واشنطن بوست» اسم «واشنطن روك ستار» (نجم روك واشنطن). ولاحظت أن مئات السياح زاروا المتحف يوم وصول الديناصور، وأن بعضهم بدأ يكتب عنه في موقع «تويتر»، تحت عنوان «نيشان ركس» (ديناصور الوطن).
من المفارقات أن أشهر ديناصور ليس هذا الحقيقي، ولا غيره من الديناصورات الحقيقية، ولكن ديناصور خيالي اشتهر في فيلم «جوراسيك بارك» (حديقة الديناصورات). ومن المفارقات، أيضا، أن ولاية نبراسكا اشتهرت لأنها، في بداية الفيلم، كانت موطن الدكتور آلان غرانت، عالم الديناصورات، ولكن هذا الديناصور الحقيقي اكتُشف في ولاية مونتانا.
وقبل الفيلم، كتب الرواية مايكل كرايتون (كتب، أيضا، رواية «آكلو الموتى»، عن الرحالة العربي ابن فضلان، الذي وصل إلى إسكندينافيا أيام الخلافة العباسية. وأيضا، صارت الرواية فيلما).
وفي خيال لا يصدق، استطاع كرايتون تحويل غموض تاريخي تجاه الديناصورات إلى فيلم ناجح جدا، جعل الديناصورات وكأنها «حيوانات أليفة».
وعبر التاريخ، اكتشفت شعوب مختلفة عظام ديناصورات. لكن طبيعتها، وضخامة أحجامها، وأنواعها، لم تكن معروفة.
عرف الصينيون القدماء الديناصور، وسموه «التنين الرهيب». وكان القرويون يطحنون عظامه ليصنعوا منها مسحوقا طبيا كانوا يقولون إنه يقوي الرغبة الجنسية عند الرجال.
وعرف الأوروبيون في القرون الوسطى الديناصور. وكان بعضهم يعتقد أنه من بقايا الحيوانات التي كانت في سفينة النبي نوح، كما يشير الإنجيل.
في القرن الـ17، كان البريطاني روبرت بلوت أول من درس عظام ديناصور بريطاني. وفي عام 1677، ألف كتاب «التاريخ الطبيعي لمقاطعة أكسفورد».
وبالنسبة للدول العربية، يعود تاريخ اكتشاف أول هياكل إلى القرن الـ19، على أيدي مستشرقين غربيين، طافوا في صحراء مصر والمغرب. في وقت لاحق، اشتهر المستشرق الألماني ارنست سترومر باكتشاف عظام في عام 1932، في الصحراء الغربية المصرية، وأجزاء من النيجر، وجنوب ليبيا. وفي عام 1934، اكتشف «الديناصور المصري» في شمال الفيوم.
واكتشف آخرون عظاما في اليمن، ولبنان، وسوريا، وفلسطين. وقبل سنوات قليلة، عثر على عظام ديناصور في جزين (لبنان). ويعتقد أنه عاش قبل أكثر من 50 مليون سنة، وعُثِر على ديناصور مماثل في قرية مدار (اليمن)، وفي قرية بير زيت (فلسطين).
8:18 دقيقة
وصول أكبر ديناصور إلى واشنطن من ولاية مونتانا
https://aawsat.com/home/article/79306
وصول أكبر ديناصور إلى واشنطن من ولاية مونتانا
لعرضه في متحف التاريخ الطبيعي
- واشنطن: محمد علي صالح
- واشنطن: محمد علي صالح
وصول أكبر ديناصور إلى واشنطن من ولاية مونتانا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة