مارك شامبيون
كاتب من خدمة «بلومبرغ»
TT

فرنسا: تحديات تواجه تحقيق الآمال

متى تعلن حكومة أوروبية عن تخفيضات ضريبة من دون أن تصرح عن المصدر الذي ستأتي منه كل هذه الأموال، أو تذكر كلمة «الكفاءة»، فأمسك عليك مالك.
كان ذلك هو الحال مع التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الفرنسي الجديد مانويل فالس عن خفض الضرائب على العمال والشركات، عندما اقترح إضافة نحو 11 مليار يورو (15 مليار دولار) للتخفيضات الضريبة التي جاءت ضمن «ميثاق المسؤولية» الذي نفذه الرئيس الحالي فرانسو هولاند، من دون زيادة الـ50 مليار يورو من خفض الإنفاق التي وضع ذلك الاتفاق خطوطها العريضة (20 مليار يورو والتي ستأتي من الكفاءات).
ونتيجة للإخفاق في تحقيق طفرة خارقة في النمو والإيرادات الضريبية، لا يتوقع أن يتمكن فالس من دفع هذه الفاتورة، وفي الوقت نفسه خفض العجز في الميزانية من 4.3 في المائة العام الماضي إلى الهدف الذي حدده بنسبة 3 في المائة في عام 2015. وقال انه سوف يطلب من المفوضية الأوروبية إعادة النظر في التوازن بين السيطرة على العجز والنمو. كما دعا البنك المركزي الأوروبي لتخفيف القيود على السياسة النقدية.
لكن برغم التغيير، إلا أن الأمور ظلت على حالها، فمرة أخرى تبدو فرنسا كما لو أنها ستحاول التهرب من التزاماتها بخفض العجز الذي فوضها به الاتحاد الأوروبي.
ورغم ذلك كان فالس مصيبا في ما ذهب إليه، سواء على صعيد الهدف المتمثل في خفض العجز أو السياسة النقدية. إذ ترى الاقتصادات الأوروبية التي تعاني من نسبة بطالة بلغت 10 في المائة، كما هو الحال بالنسبة لفرنسا، وركود النمو بشكل أساسي، كما هو الحال بالنسبة لفرنسا، وانخفاض قيمة العملة، كحال فرنسا، أن الإصلاح الهيكلي هو الأمر الأكثر أهمية. وأن النمو سيعقبه إصلاح فعال، وسيساعد في حل مشكلة العجز، طالما استمر التعافي الاقتصادي العالمي.
وكان فالس صائبا، أيضا، بشأن البنك المركزي الأوروبي. فبغض النظر عن قضايا معينة في فرنسا، إلا أنه ينبغي على البنك المركزي الأوروبي تخفيف سياسته النقدية. فهو يستهدف معدل التضخم المستهدف بهامش واسع وإنتاج عملة عالية القيمة، وهو ما يسهم في تباطؤ التعافي الاقتصادي.
السؤال الذي يواجه المفوضية وشركاء فرنسا في منطقة اليورو، هو ما إذا كانوا يصدقون فالس في تصريحاته بأنه سيجري التغييرات الهيكلية وخفض الإنفاق الذي تحتاجه فرنسا لجعل الاقتصاد تنافسيا. وهم بحاجة إلى التصديق أيضا بأنه عندما تعاود فرنسا النمو، فسوف تحافظ على تقليص حجم الحكومة وتدير فائض الميزانية. وأنا أتشكك في إمكانية حدوث أي من هذه، لكن ينبغي عليهم التوقف عن عدم الاعتقاد بعدم وجود خيارات أفضل.
يعد فالس منشقا في أوساط الحزب الاشتراكي، كما هو الحال بالنسبة لنظيره الإيطالي ماتيو رينزي، وربما يرغب في عمل الصواب. فاقتراحه أن يضيف إلى التخفيضات في الضرائب على العمال خطوة جيدة، كما هو الحال بالنسبة لوعده بخفض الضرائب على الشركات من 33 في المائة إلى 28 في المائة (يقف المتوسط الأوروبي عند 22.75 في المائة). وخفض الدوائر الحكومية الإقليمية في فرنسا التي اقترحها خطوة جيدة أيضا. بيد أن كل هذا يتوقع أن يجري في غضون عامين وربما أكثر من ذلك. ولم يكن هناك كلمة واحدة في خطاب فالس مؤخرا إلى البرلمان بشأن مرونة سوق العمل الفرنسي أو قطاع الخدمات فيها، الذي يشكل جوهر أي إصلاح حقيقي.
قد يبدو رينزي وفالس قليلي الخبرة، لكنها يبشران بآمال واعدة لأضخم اقتصادين جانحين في منطقة اليورو. ولا يملك أي منهما الخلفية السياسة من داخل أحزابهما للقيام بكل ما يتطلبه الأمر لإصلاح هذه الاقتصادات. ولكن برغم ذلك فهما أفضل الخيارات المتاحة في عصر ازدياد استياء الناخبين من الأحزاب السياسية الرئيسة.

* بالاتفاق مع بلومبيرغ