مينا العريبي
صحافية عراقية-بريطانية، رئيسة تحرير صحيفة «ذا ناشونال» مقرها أبوظبي. عملت سابقاً مساعدة لرئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط»، وقبلها كانت مديرة مكتب الصحيفة في واشنطن. اختارها «منتدى الاقتصاد العالمي» ضمن القيادات العالمية الشابة، وتكتب عمود رأي في مجلة «فورين بوليسي».
TT

مصالح استراتيجية وخلافات تكتيكية

يصل الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء الجمعة الى الرياض في ثاني زيارة له منذ ان تولى رئاسة الولايات المتحدة، وليعقد لقاءه الثالث مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.
عندما زار أوباما الرياض للمرة الأولى عام 2009، لم يكن من الممكن تخيل التغييرات التي ستطرأ على المنطقة، إذا كان ذلك ثورات عام 2011 والحرب الطاحنة في سوريا، أو فشل انتفاضة صيف 2009 في طهران لينتخب بعدها الرئيس الإيراني الإصلاحي حسن روحاني. وخارج المنطقة، لم يكن من الممكن تخيل تأثير صدمة الأزمة الاقتصادية العالمية على الولايات المتحدة وكبرى الاقتصادات، كما ان عودة أجواء الحرب الباردة مع روسيا تأتي كضربة لأوباما الذي بدأ رئاسته بإعلان "إعادة تفعيل" للعلاقات مع موسكو.
يصل أوباما الى الرياض مثقل بالأزمة الأوكرانية ودعوات أوروبية له بحماية الأمن الأوروبي، في وقت يبدو أنه من غير المعروف كليا نيات الرئيس الروسي فلادمير بوتين وإذا كان سيكتفي بشبه جزيرة القرم أم يبحث عن فرصة جديدة لضم أراض أوروبية أخرى الى بلاده، مما سيجبر أوباما وحلفاءه للتحرك خارج العقوبات المحدودة الحالية.
ولدى أوباما أولويات في منطقة الشرق الاوسط قد تتأثر من الأزمة الأوكرانية، خاصة بعد ان لوحت روسيا بإمكانية عرقلة المحادثات حول الملف النووي الإيراني، ولم تعد متعاونة مع واشنطن في دفع الحكومة السورية على المحادثات في إطار حنيف2.
وبعد ان قضى أوباما أياما في أوروبا ليطمئن حلفاءه بأن واشنطن ملتزمة بأمنهم، سيكون عليه تقديم تطمينات مشابهة للسعودية ودول الخليج، خاصة مع الانفتاح الاميركي على طهران.
ومن المتوقع ان يركز أوباما على نقاط الاستمرارية التي تربط بين الولايات المتحدة والسعودية، في وقت تعيش المنطقة تقلبات غير مسبوقة. والاستمرارية تتجسد في المصالح الاستراتيجية المشتركة وعلى رأسها العمل على استقرار المنطقة ومنع التطرف والحد من انتشار الاسلحة الكيماوية وضمان أمن إمدادات النفط، بالاضافة الى أهداف متعلقة بدول بعينها وعلى رأسها ايران وتدخلاتها في المنطقة.
ومن الضروري ان تعالج الزيارة والمشاورات الاميركية مع الحلفاء السعوديين سبل حل الخلافات التكتيكية وكيفية التعامل مع تلك القضايا، وهذا محور أساسي في زيارة أوباما. وسيكون اجتماع خادم الحرمين الشريفين بأوباما خاصا والمطلعين على مجرياته سيكونون قلة، فتفاصيله على الأرجح ستبقى خاصة. ولكن دلائل الاجتماع كبيرة، إذ أن زيارة أوباما الى الرياض هي الوحيدة الى المنطقة في وقت حرج، كما ان نتائج الاجتماع ستظهر من خلال ملفات محددة خلال الأشهر المقبلة، على رأسها الوضع في سوريا والملف الساخن المتعلق بإيران، بالاضافة الى العلاقات الاميركية مع مصر. ومع تصاعد الأزمة مع روسيا، يعود أوباما لتقوية التحالفات الاستراتيجية التقليدية في اوروبا والشرق الاوسط، سعيا لإعادة ترتيب أجندة السياسات الخارجية.